الإمام الجواد (عليه السلام) منبع التمهيد المقدس



الإمام الجواد (ع) منبع التمهيد المقدس

بقلم : رعد السيد

على الرغم من تعدد الأئمة عليهم السلام واختلاف ظروفهم وسيرة حياتهم والعصور والأحداث آنذاك المتلاطمة لكن الهدف واحد والعمل على اختلافه يصب في ثمرة واحدة.

ومن بين الأئمة الاثني عشر ، الإمام التاسع محمد بن علي الجواد (ع) هذا الإمام الذي قاد الأمة وهو مازال ابن سبع سنين لكنه أذهل العقول وحير الأذهان واخرس الأفواه بعلمه وأخلاقه وسيرته ،فكان كجده المرتضى (ع) في شجاعته وكالحسين والكاظم (ع) في صبرهما وكالباقرين (ع) في علمهما وكأبيه الرضا في سياسته .وأريد بهذا المقال أن أسلط الضوء على جانب مهم سلكه الإمام الجواد (ع) في مستقبل البشرية ، ولذا فهو واضع اللبنات الأساسية لدولة العدل الإلهي . وهذا هو الجانب الأهم الذي لعبه الإمام (ع) وبهذا فأن الأئمة الثلاثة من بعده قد ساروا على هذا المنهاج الذي خطه لهم أبوهم الجواد (ع) ويمكن أن أحصر الدور الريادي للإمام (ع) في حركة التمهيد المقدس بما يلي :

أولا :- العمر القصير للإمامة ، حيث أن الإمام الجواد (ع) تسلم الإمامة وعمره سبع سنين كما أسلفنا وبهذا أعطى إيعاز للأمة الإسلامية أن الإمامة إنما هي غير محددة بعمر ما وراء العشرينات أو الثلاثينات بل هي متى جاءت فبها . فكان هذا انبثاق نورا الإمامة المبكرة في نفوس الشيعة آنذاك خاصة وفي غيرهم عامة .مما أعطى انطباع تقبلي خاصة مع الإمام المهدي (عج) صاحب الإمامة وعمره خمس سنين. فعندما تسلم الامامه (عج) لم يلاق ِ صعوبات في مجتمعه كما لاقاه الإمام الجواد (ع).

ثانيا :- العلم الغزير ، ولم يخف َ على الجميع أن الإمام الجواد (ع) ذا علم غزير فاق علماء عصره بحذاقته ونبوغه الملهم .. فهل نسي أحدكم مناظرته مع القاضي يحيى بن الاكثم فيحيى سأله سؤال واحد .. وإذا بالإمام الجواد (ع) ينهال عليه متفجرا بأسئلة خارج حدود معرفته الضيقة فتلعثم ورفع راية الاستسلام مقرا بفردانية الإمام الجواد (ع) عالما وعارفا. حيث أن العباسيين أرادوا به لكنه (ع) أذهلهم واخرس ألسنتهم وهذه الخاصية أيضا أعطت صورة للمجتمع آنذاك الذي كان يعيش على أن من شروط الإمام أن كبير السن وبالتالي فالعلم ملازم للكبر لكنهم نسوا أن علم الأئمة قد زق زقاً وهذا ما شهد به الأعداء قبل الأصحاب وبهذا فالمناظرات التي أجراها الإمام الجواد (ع) وحله الكثير من معضلات الدولة وأجوبته على كثير من المسائل العالقة قد هيئ المناخ في نفوس المجتمع لتقبل الأمر الأمامي بأمي عمر كان من الناحية العلمية بعد تقبلهم الناحية العمرية .

ثالثا :- الانقطاع المتدرج عن المجتمع ، لعب الإمام الجواد (ع) دور وهو المهم حيث سار بسيرة أبيه الرضا (ع) من حيث ملازمته للبلاط العباسي طبقا لإرادة السلطة وبهذا قد صار حجاب بين الإمام (ع) والمجتمع وغياب كثيرا من الوقت فيهما نوع من التدرج الزمني عن القواعد الشعبية لكنه لم يقف مكتوف الأيدي أمام هذا الأمر الجديد على أتباعه بل انتهج آلية مبرمجة حديثة وطبق مفهوم الوكالة بشيء ممن الانتظام والتقبل ، وبالتالي فالملاحظ لسيرتي الأئمة الذين خلفوه (ع) فأن برنامج الوكالة قد لعب دورا مهما في القواعد الشعبية وتسيير أمورهم وكان الإمام حاضر بين ضهرانيهم . وهذا يرجع فضله للإمام الجواد (ع) .. بحيث عند غيبة الإمام المهدي (عج) الصغرى لم تصدم الأمة بشيء جديد بل تقبلوه برحابة صدر .

رابعا :- النقد الداخلي الهدام ، أن سياسة المأمون العباسي قد اختلفت عن أسلافه حيث استطاع المأمون بمكره ودهائه أن ينتهج سياسة شيطانية جديدة وهي تقريب العلويين من الدولة وجعلهم في وظائفها وبهذا يعطي صورة انه آل محمد لا خلاف على السلطة وهم بمتمازج مع بني عمهم العباسيين . حيث قدر أن يعطي ولاية العهد الاسمية للإمام الرضا (ع) ثم عقبه بالإمام الجواد (ع) بل وزوجته ابنته أم الفضل. لكن الإمامين الرضا والجواد عليهما السلام استطاعا ن يدحرا تلك المؤامرة من خلال عدم التدخل بالسياسة المتبعة وإعلان حالة المعارضة الصامتة داخل أروقة السلطة وأيضا استخدام أسلوب النقد الهدام ، مما زرع ريبا في نفوس العباسيين واهتزازهم ودك مضاجعهم فأرادوا العباسيون أن يتخلصوا من هذا الاتجاه المضاد المحطم لهم الذي بحنكته الإمام الجواد وأبيه (ع) زادت رقعة التشيع ورفع الثقل نوعا ما عن كاهل الشيعة المضطهدين.

وبهذا لعب الإمام الجواد (ع) دور مهم وريادي وكان الممهد الفعلي والحقيقي لدولة العدل الإلهية. فالبشرية ممنونة لهذا الإمام الهمام الشاب الذي قضى نحبه مسموما على سطح داره سائرا بسيرة آبائه عليهم السلام في طريق الشهادة على أيدي اعتى الطغاة .

فالسلام على محمد الجواد يوم ولد ويوم اصحب إماما وهو فتى ويوم قارع الظلام ويوم رحل إلى ربه محتسبا مسموما .

هناك تعليقان (2):

إرسال تعليق